محليمقالات خاصة

وهل تحزن الضحية لموت جلَّادِها؟

كتب الصحافي مصطفى عبيد لقلم سياسي،

مع بداية الحرب على لبنان كان لا بد من تناول الأحداث الجارية بين عدو صهيوني تخطى في الإجرام مراحل كثيرة حتى باتت كلمة الإجرام لا تكفي لوصف قذارته، وبين ميليشيا ظلت تدعي الإسناد حتى كشفت عورتها وبان الوهن والضعف والخذلان الذي تعيشه، وأنَّ البيئة الداخلية مختلفة تماماً عن مضمون خطابات سيدها الراحل والذي تبين مع رحيله وهن بيت العنكبوت هذا.

وهنا كان لا بد للعاقل أن يتساءل كيف تنهار مقاومة بأكملها خلال شهرٍ ونيف؟ هل مجرد جهاز صغير يسمى “البيجر” كان كفيلاً بدك حصون وأنفاق ما يسمى بالمقاومة؟ أم أنه لا البيجر ولا غيره من دمر الحزب وكشف نفاق الميليشيا وإنما كل ما في الأمر أنَّ إيران قد باعت رأس نصرالله وحزبه للإفراج عن مليارات مجمدة وللفوز بصفقات ثمنها حزب اللات وسيده؟

وحين تتناول هكذا موضوع في لبنان، تنهال عليك اتهامات الخيانة، والعمالة، أو أنك فقدت وطنيتك، وأنَّ التعصب الطائفي قد أعمى بصرك وبصيرتك عما يحدث لوطنك، حتى تبدأ أنت تساءل نفسك حول وطنيتك، وإنسانيتك، وضميرك تجاه ما يحدث لبلدك، وشركاؤك في الوطن.

لكن وثائقي قصير لا تتجاوز مدته الساعتين كان كفيلاً بالإجابة عما يخالج صدرك من أسئلة وتساؤلات والتي يأتي على رأسها لماذا لا أتعاطف مع حزب الله المكون اللبناني وشريكي في الوطن؟

برنامج وثائقي يعيد الذاكرة حول وطن جميل إسمه لبنان كنا نعيش فيه بأمان، وكنا وقتها أخوة في الوطن والمواطنة عندما كان لبنان مباح للبنانيين، وكان الحلم فيه أمراً قابل للتحقيق.

وتعود لك الذاكرة حول سيدة العواصم وجميلتهم بيروت، هذه المدينة التي كانت مقراً  للحالمين، والمفكرين، والمثقفين، والمستثمرين، وملاذاً للشباب الحالم بمستقبل زاهر في لبنان رفيق الحريري.

مجرد مقاطع صغيرة عن بيروت خلال الحرب الأهلية، وخطوط التماس تجعلنا نقول ها هي بيروت اليوم نفسها كتلك التي كانت خلال الحرب الأهلية، مدينة مدمرة، مهجورة، مليئة برائحة الدمار، والدم، والموتى، حتى الكلاب والقطط تهجرها خوفاً من إجرام ميليشيا وأحزاب لبنانية البارحة، وخوفاً من إجرام صهيوني اليوم، مجرد مقاطع عن بيروت الحرب الأهلية التي رسمت خطوطها الطائفية في ظل نمو الميليشيا الفارسية، كفيلة بأن تجعلك تقارن بين بيروت عندما دمرها أبناؤها تارةً وحين دمرها عدوها الصهيوني طوراً، وأن تقارن بين لبنان الذي كان يحلم به رفيق الحريري وبين وطن بلا رفيق الحريري.

نعم لهذا السبب يحق لنا اللبنانيون المتعصبون لوطننا أن لا نحزن لهلاك ذراع فارسية كانت تؤدي مهامها لصالح مافيا فاسدة فاجرة مجرمة كإجرام الصهيوني القذر، مافيا قوامها نظام سوري يتسيده المجرم بشار الأسد، ومجرم آخر بعمامة فارسية يدعى خامنئي.

فهذه الذراع الفارسية شاركت في اغتيال بيروت خلال الحرب الأهلية لتثبيت مصالح إيران في لبنان، وتغتال بيروت اليوم بسبب غبائها وغرورها وظنها أنها ترعب القاصي والداني، وهي التي اغتالت بيروت رفيق الحريري عندما صدر الأمر السوري الإيراني بأنه لا يجب للبنان أن يعيش، فكانت بداية هلاك وطني عندما اغتيل رفيق الحريري برصاصة إيرانية عبر حزب الله وسيده، وها هو وطني يلفظ أنفاسه الأخيرة ويُهجَّر أبناؤه بسبب غباء هذا الحزب المجرم الذي قتل أبناء وطني الأحرار ووقف ضعيفاً أمام عدونا الصهيوني يتلهى بصواريخ ومسيرات لا تسمن ولا تغني من جوع، بينما المجرم الصهيوني نتنياهو يكمل تدمير المدينة التي أراد كل من خامنئي وبشار الأسد تدميرها أيضاً.

لجميع هذه الأسباب لا، لن نحزن لموت سيدكم، ولا لموت خليفة سيدكم، ولا لموت خليفة خليفة سيدكم، ولا لموت طاغية إيران، وإنما نذرف الدموع فقط على وطن إسمه لبنان أراد أهله مراراً الحياة فأبت يد الإجرام إلا أن تدمره بيد مجرمة قذرة صهيونية تارةً، وفارسية طوراً.


iPublish Development - Top Development Company in Lebanon

مصطفى عبيد

كاتب ومحلل سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى