مقالات

جثث متفحّمة وأشلاء جديدة

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”: 

ما زالت محافظة عكار تلملم جراحها ومآسيها التي خلّفها تفجير “التليل” الذي أودى بالعشرات بين شهداء وجرحى ومفقودين، ومعظمهم شبان من بلدات عكار وقراها.

وفي حين لا تزال الأجهزة الأمنية تقوم بالتحقيقات اللازمة في هذا الإطار، يجمع الكثيرون على أن رواية إطلاق الرصاص على خزان البنزين هي الأرجح، حيث أظهرت فيديوات على وسائل التواصل الاجتماعي أن هناك رصاصة في جسم الخزان، بالإضافة إلى شهود عيان أكدوا “أنهم سمعوا صوت رصاص في ذلك الوقت”. هذا الكلام يدحض بالتالي رواية “القداحة” التي أشعلها لاجئ سوري في المكان، وهي رواية يراها البعض أشبه برواية “معلم التلحيم” التي انتشرت بعد تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب العام الماضي، مع أوجه شبه كبيرة بين التفجيرين، وتزامنها في آب اللهاب، ومحاولة السلطة وأتباعها في كلتا الجريمتين؛ طمس الحقائق وتحوير وتشتيت انتباه الرأي العام إلى مكان آخر، وهنا يضع المراقبون ما حصل من تبادل اتهامات عبر البيانات بين تياري “المستقبل” و”الوطني الحر” طيلة أمس الاول.

أما في جديد تفجير عكار فكان الإعلان أمس عن العثور على أشلاء جديدة إضافية من مكان التفجير في “التليل”، بمنطقة الدريب، حيث مشغل الخفان وأعمال الباطون، بجانب الفيلا العائدة للمدعو جورج رشيد ومالك الأرض، المتهم بأنه هو من أطلق النار على خزان البنزين في تلك الليلة المشؤومة، بحسب الرواية التي يتبنّاها أهالي المنطقة والشهود العيان في مكان التفجير. وبحسب المصادر الطبية من مستشفيات عكار وطرابلس والجعيتاوي في بيروت حيث تم نقل الجرحى والمصابين وضحايا التفجير، فثمة أشلاء وجثث متفحمة في المستشفيات، لم يستطع أحد التعرف إليها، باستثناء عدد قليل منها، لتبقى الحرقة في قلوب الأمهات والدموع في عيونهن وهنّ لا يزلن يعتبرن أبناءهن في عداد المفقودين الأحياء حتى يثبت العكس. إنه الأمل الذي تعيش عليه أي أم مفجوعة في مثل هذا الموقف، علّها بالأمل قد تجد طوق النجاة الذي تتمسك به.

ووفق معطيات أمس الاول، التفجير ذهب ضحيته 28 شهيداً، و 79 مصاباً القسم الأكبر منهم تمت معالجتهم في مستشفيات عكار، وهناك نحو 28 إصابة حرجة تم نقلها الى مستشفيي الجعيتاوي في بيروت والسلام في طرابلس، لأن ليس في عكار مستشفى متخصص بالحروق. وكان الدكتور ياسر طعوم المدير الطبي في مستشفى الرحال-عكار أوضح لـ”نداء الوطن” أن المستشفى قد وصل إليه جثث متفحمة، وعدد كبير من الجرحى منهم من ضمّد ومنهم من استدعت حالته نقله إلى مستشفى متخصص بالحروق.. ما زال عندنا 7 جثث وكيسان من الأشلاء و 6 جثث أرسلت إلى مستشفى طرابلس الحكومي من أجل إجراء فحص الـ DNA، وجثة واحدة ما زالت موجودة ولم يتمّ التعرف إليها”. أما مدير مستشفى عبدالله الراسي الحكومي في عكار الدكتور محمد خضرين فكان أشار لـ”نداء الوطن” في حديث سابق أن “المستشفى لديه 4 جثث غير معروفة بينما حضر الطبيب الشرعي وكشف عليها”.

موجة غضب

وأثار التفجير موجة غضب عارمة في أوساط الرأي العام العكاري تجاه نواب المنطقة والأحزاب والتيارات السياسية التي تحتكر التمثيل السياسي، والتي بحسب الأوساط “لم تفعل أي شيء كعادتها سوى الرقص فوق دماء الشهداء والجرحى وتقاذف التهم ببيانات وتغريدات ليس منها أي فائدة تذكر”.

ولم تحدد حتى الآن الطريقة التي سيتم فيها دفن الشهداء، وهل ستكون هناك جنازة جماعية أم غير ذلك، بانتظار أن يتم التعرف على جميع الجثث والأشلاء وتحديد مصير المفقودين ليُبنى على الشيء مقتضاه.

قسم التحرير

التحرير في موقع قلم سياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى