مقالات خاصة

أرض الوطن شبعت من دماء ضحايانا … فإلى متى سنظل نقتل بهذه السهولة ؟

الإفتتاحية بقلم غادة طالب

في ظل الإنهيار الإقتصادي و إرتفاع الأسعار الجنوني ، الشيء الوحيد الذي أصبح رخيصاً في وطني و بلا أيّة قيمة، هو روح الإنسان …
روحه التي لا ثمن لها لدى أهل السلطة، روحه التي هي مجرد رقمٍ لدى بعض المجرمين…
في بلدي نُقْتَلُ كلَّ يوم وبشتى الطرق ، تفجيراً، خنقاً ، إغراقاً ، رشقاً بالرصاص الطائش  أو حتى المقصود …
ومن لم يقتل بالجسد قُتِلَ بالروح ، فالضحية لا تُقتَل وحدها بل تُقتَل معها أرواح احبائها…
عنصران أساسيان :” قرارٌ غيرُ مسؤول ، و ضحية لا ذنب لها”. والنتيجة واحدة ولا مفر منها : “إزهاق روح إنسان ، والتسبب بإنهاء حياته…”
وما أكثر هذه القرارات وما أكثر ضحاياها.
قرارٌ طائشٌ ، غير سويّ ، من شخصٍ منعدم المسؤولية ، يسلب حياة إنسان بكل بساطة، 
دون الشعور بذرةٍ من الذنب ، دون الخوف من أي عقاب…
  قتلٌ بدمٍ بارد أو حتى التسبب به ، ضحيةٌ واحدة أو أكثر لا فرق في ذلك فالأمر بالنهاية بالنسبة للمجرم هو مجرد رقم سيزداد في عداد الجرائم  .
جريمة لا تمت بالإعتيادية بأي صلة ، جريمة تفتقد أي نوعٍ من الرحمة ، أصبحت أمراً شبه يومي ، و بوسائل عدة و متفننة ، من جريمة الإمتناع التي أدت إلى إنفجار مرفأ بيروت ، إلى جريمة إنفجار التليل العكارية ، إلى جريمتا المروج والأنصار اللتان هزّتا الرأي العام اللبناني في الآونة الأخيرة و لم تعرف دوافعهما حتى الآن ، وصولاً إلى مجزرة طرابلس البحرية منذ بضع أيام ، هذا بالإضافة إلى غيرها من الجرائم اليومية من قتل بسبب صورة زعيم وقتل بهدف السرقة أو حتى الميراث …
أسبابٌ تافهة لا معنى لها ، أسباب مريضة أو حتى بدون سبب ، قلة إحترازٍ و تقدير ، تحصد معها في كل مرة ضحايا جدد ، ذنبهم الوحيد أنهم أبناء وطنٍ إستباح دمائهم ، رغم معاقبة القوانين لذلك ، رغم وجوب تشكيلها رادعاً و هاجساً لدى المجرم قبل تنفيذ جريمته . إلا أن عدم تنفيذ هذه القوانين بحزم وجدية من قبل الدولة و التدخل الدائم لتستر عن فاعلها جعل المجرم يقترف جريمته بسهولة تامة ، ظناً منه أن بإمكانه التفلت من العقاب بنفس السهولة التي نفّذ بها جريمته و أحياناً بسهولةٍ أكبر .
في بلدٍ يحكم فيه كل شي إلا القانون سجل مطلع عام ٢٠٢٢ إرتفاعاً للجريمة بنسبة ١٠١ بالمئة و ذلك بحسب ما ورد في الدولية للمعلومات ، إرتفاع لا نحتاج للإحصاء حتى ندركه فهو واضحٌ من الأخبار اليومية و بشكل جليّ . و هذه النسبة قابلة للإرتفاع ، خاصةً أن الكثير من الجرائم التي تم ذكرها و حتى غيرها لم يعاقب فاعلها أو حتى يتم توقيفه ، إما لحصانته السياسية أو لكونه من إحدى ” زغران ” أحد السياسيين أو تابعاً لهم ، و خاصةً أيضاً أن العقوبة الرادعة فعلاً و التي هي الإعدام لا تنفذ في بلدنا .
لسنا ممن يحبذ القتل ولا حتى من يشجع عقوبة الإعدام ، إلا أنه في بعض الأحيان يجب أن تنفذ عقوبة قاسية مثلها بحق الجاني ليكون عبرة لمَن تخوّل له نفسه الإقدام على جريمةٍ مثلها ، علّها تشكل رادعاً و هاجساً لم يشكله القانون المنفّذ لديه .
فلو تحيّد هذه السلطة نفسها عن التدخل و تتطبق مبدأ فصل السلطات فعلاً و تنأى بنفسها عن كونها شريك في الجرائم المرتكبة و لو تنفذ أحكام و عقوبات رادعة فعلاً ربما نصل يوماً لإنخفاضٍ في هذا المعدل المخيف . 
و إلا سنظل كل يوم إما نستفيق أو ننام على جريمة جديدة و نفس التساؤلات ، إلى متى ستبقى أرواحنا رخيصة إلا هذه الدرجة ؟ و إلى متى سنقتل كل يوم بهذه البساطة و يترك الجاني دون أي عقاب ؟ 

غادة طالب

اسرة التحرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى